ماهو الجهل من وجهة نظرك؟
فلنبحر معا في أعماق هذا المعنى لنحاول الوصول إلى تعريف بسيط وفاعل له
الجهل : هو أن يكون هناك قصور معين في الإنسان دون أن يدرك ذلك
فلا يحاول تفاديه , أي بمعنى أن الجاهل هو ذلك الإنسان الذي لا تسعفه
معلوماته على كشف القصور عنده.
بمعنى آخر الجهل مرض يصاب به البعض , منهم من يعالج منه في محاولة
للشفاء أو تجنب أعراضه المؤلمة نفسيا لا جسديا , ومنهم من لا يعبأ
بهذا المرض لأنه يحسب أن جميع من يحيطون به مصابون به.
وكلما زادت حصيلة المعلومات التي يختزنها الإنسان كانت الأداة
والمفتاح التي يستطيع بها الدخول إلى كل عوالم العلم والثقافة
واضحة وقادرة على اكتشاف هذا القصور وإكماله بالعلم والعلوم
وأشد ما يحزن في هذا النوع من البشر الجاهل أو محدود الثقافة
إحساسه بأنه العلم كله فتجده يتحدث في كل شيء دون أن تزداد منه بأي شيء..!
ويناقش ويجادل في كل شيء دون أن تفهم منه شيئا..!
وأكثر من ذلك كله استحالة أن يعترف في لحظة ما يجهله
لأنه يجد في ذلك عيبا كبيرا دون أن يدرك أنه العيب كله
أن الجهل صفة تلازم كلا منا في أمر ما , فلم يولد إنسان عارفا وعالما
بكل العلوم والأمور ,, فإن برع ونبغ في جانب كان عاديا في جانب آخر
ومحدوداً في الثاني وبسيطا في الثالث ,, إلا أن الناجح هو من يحاول الإلمام
بأبسط الأمور في الجوانب التي لا يعرفها أو التي لا يستمتع بها.
وغالبا ما تكون الثقافة , وهي الوجه المناقض للجهل الهوية أو المرآة
التي تميز الشخص عن الآخر وهي التي تحدد نوع سلوكه وتعاملاته
وهي بحد ذاتها غاية كل جاهل مخلص طموح , وهي أيضا النفق المظلم
الذي يتسلل منها شعاع المعرفة والأفق الرحب .
وكلما كان المرء سريعا في حركته داخل هذا النفق كان الوصول أسرع إلى نهايته
وإذا ظل يدور ويلف في مكانه , لفه ظلام النفق وقضى عليه في مكانه.
وليعلم كل مثقف أن أول علامات الثقافة الاعتراف بالجهل
وأول خطوات التخلص منه الطموح والرغبة في التحدث بثقة في كل شيء
وعن كل شيء , شرط أن تكون الكلمة المناسبة في المكان المناسب
...................................................................................................
متى يكون الجهل عيبا؟؟
لم يكن الجهل عيبا يوما من الأيام ولكنه كذلك عندما لا نعترف به
فنهمله مما يؤدي إلى تفاقمه واستشرائه داخل عقولنا حتى يقضي
على كل الخلايا الحية بداخلها فتعطب وتفوح منها رائحة كريهة
تنفر منها العقول الحية النشطة المحيطة.
علينا أن نفرق بين جهلنا بأمور الحياة وبين جهلنا بأمور عقيدتنا الطاهرة النقية
فالأول قد نخسر بسببه الكثير من جمال ونعيم الحياة ولكنه لا يعدو خسارة دنيوية
أما الثاني فخسارته وبال في الدنيا و في الآخرة "سقر" والعياذ بالله
فلننهل من ينبوعنا الصافي ماء زلال ولنستشعر بقلوبنا وندرك بعقولنا
عظمة وملكوت الله سبحانه وتعالى..
ولنضع نصب أعيننا....أحد ...أحد...
كي لا نكون ممن قال فيهم الله سبحانه وتعالى:
" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"الكهف